Thursday, March 11, 2010

مشكلات التعليم العربي في نيجيريا وعلاجها

بسم الله الرحمن الرحيم

مشكلات التعليم العربي في نيجيريا وعلاجها

إعداد

عبد الحفيظ يونس بن مالك

أستاذ القواعد بمدرسة ن والقلم ، لاغوس نيجيريا

bnmalic@yahoo.com,bnmalic@gmail.com.

الحمد لله رب العالمين ، إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما . أما بعد/:

حضرات السادات ، شيوخنا العظام ، سعادة الشيخ أحمد حنفي المبارك ، والذكور والإناث من المسلمين في هذا الجزء من المكان الطيب الذي هو بيت الله في الأرض (المسجد) ، وفي هذا الوقت وهذا اليوم الذي هو أفضل أيام الأسبوع (يوم الجمعة) أقول لكم جميعا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ثم أما بعد/:

فمشكلات التعليم العربي التي نعنيها هي التحديات الضارية المختلفة التي تعتور طريق الثقافة العربية الإسلامية في نيجيريا العزيزة تلك الدولة الإفريقية العملاقة ، والتي تحيط كذلك بمدارسها ومراكزها ، ومؤسسيها وأساتذتها وطلابها سواء الذين يتعلمون داخلها أوالذين يتواصلون خارجها ، وهي المشكلات التي من أجلها تقعد الخبراء والمثقفون على اختلاف الاختصاصات على كراسي الائتمار حول موائد التشاور والنقاش لدراستها وتقديم ما يرتئي خبراء العاملين من حلولها .

وهذه هي محاور حديثنا كما يلي ، هذا ومن الله تعالى التوفيق والمدد وهو نعم المولى ونعم الوكيل :

- مشكلة الحكومة النيجيرية .

- مشكلاة الثقافة الإنجليزية .

- مشكلة البيئة المدرسية .

- مشكلة المستوى العلمي .

- مشكلة الحياة الاقتصادية .

- مشكلة الإمكانات المادية .

- مشكلة المناهج وطرق التدريس .

مشكلة الحكومة النيجيرية

فإذا كانت الحكومة علمانية كما كانت حكومة نيجيريا ، فلا مناص من أن تشكل التحدي القوي للتعليم العربي الإسلامي من نواحي شتى ، ونحن كمتعلمي العربية والمتثقفين بثقافتها في مثل هذا الوضع العلماني نعاني من جراء حكومتنا النيجيرية العلمانية عدة مشاكل خطيرة منها :

- قلة المدارس العربية على الطراز الحديث ، فأكثر مدارسنا ليست حكومية ولا مؤسساتية ، حيث كان إنشاؤها قد جاء نتيجة جهود ذاتية من الأفذاذ والجماعات ، فكان لهذا الوضع تداعياته السلبية على المتعلمين وعلى التعليم العربي الذي ندافع عن قضاياه ، فمثل هذه المدارس التي قامت على جهود أفراد من الشخصيات ، لا بد فإنها تفتقد الدعم والتمويل لقضاء الحاجات المدرسية ، كما تفتقد القدرة تبعا لذلك على التجديد والإبداع وابتكار الوسائل اللازمة ومواكبة الأساليب العصرية التي من شأنها تفعيل رسالتها .

- وأكثر مدارسنا تعتمد على نفقات الجماهير وصدقات المتطوعين في المواسم والمناسبات الدينية المختلفة كحفلات المولد النبوي والهجرة النبوية ، أو وليمة القرآن ، أو غيرها لقضاء اللبانة المدرسية .

- عدم الاعتراف الرسمي . ولو أن مشكلتنا توقفت عند حد أنها قامت على الجهود الفردية لهان الخطب ، ولكن مع ذلك فلم تعترف حكومة نيجيريا على وجه الإطلاق بوجود مدارسنا العربية الأهلية في نطاق نفوذها أصلا ، من هنا لا تخصص ولا تقسم لها من ميزانيتها الضخمة من مثقال ذرة . وأي بلد عجمي يحدث مثل هذا الواقع ، فإن التعليم العربي ومدارسه وأصحابه فيه في أمر عظيم ، وما أعتقد أنه يخطو الخطوة السعيدة إلى الأمام ، أو تضمن أصحابه لأنفسهم المستقبل السعيد المأمون ، ورغم الجهد المضنى الذي يبذله أصحاب المدارس العربية في نيجيريا منذ قديم ، وطلبة الجامعات المتخرجين حديثا إلا أن 98% منها ليست معترفا بها رسميا من السلطات الحكومية في البلاد ، خاصة في مثل هذا القسم الجنوبي من نيجيريا ، وإن عدم الاعتراف الحكومي بهيئة عظيمة كهيئة المدارس العربية الدينية هذه يعدّ من المسائل الحيوية التي تؤثر سلبا على رسالات المدارس .

- اقتصار مجال العمل على التدريس فقط ، فالمشكلة السابقة هي التي أدت بطبيعتها إلى عدم الاعتراف الرسمي بمؤهلات متعلمي العربية والمتثقفين بثقافتها الأصيلة مهما بلغت قيمة هذه المؤهلات عند أصحابها ، الأمر الذي قصر مجال العمل فقط على التدريس في المدارس الأهلية ، وهذا وضع مأسوي عظيم ، كما أن عدم الترحيب بالمتخصصين منهم في مجالات أخرى غير الدينية بسبب النظرة السائدة عنهم بعدم كفاءتهم وأهليتهم ، لأنهم تعلموا بغير لغة العلم – على حد زعمهم – حوّل عددا من ذوي الاختصاصات مثل : الإعلام، والهندسة والاقتصاد والتربية والسياسة وغيرها – على الرغم من قلتهم – إلى مدرسين عاديين للعلوم الدينية ، وهذا أيضا أمر عظيم ، يؤدى إلى انعكاسات خطيرة على المؤسسات التعليمية وأصحابها وخريجيها وعلى الطلبة الذين كانوا يفكرون في كل حال عن مستقبل ثقافتهم التي أفنوا فيها أعمارهم عاجلا أو آجلا .

وهناك منظور محلي أو بالأحرى تقليدي قديم يتوارثه الطلبة من الأساتذة التقليديين يقول بأن التعليم العربي في بلاد الأعاجم كنيجيريا يجب أن يكون الهدف منه مقتصر ا على ( المجال الديني ) فقط ، وينفي البركة والجدوى عن تعلم الثقافة العربية ( للتثقف ): للطب ، للهندسة ، للإعلام ، للاقتصاد ، للتربية ، للسياسة ، فهو منظور ظاهر الفساد وبادي البداوة وهو غلط ما على وجهه غطاء .

وفي المقابل كان مما يجب أن يؤخذ في الاعتبار ولا يغيب عن البال أن الاعتراف الرسمي بالمدارس والمؤهلات العربية في هذه البلاد لا يخلو هو الآخر من بروز بعض المشكلات الجديدة من نوعها في تاريخ التعليم العربي النيجيري ، كما أنه لا يخلو من جذاذات العيوب اللازمة لكل نظام بشري جديد ، ذلك في بعض الوجوه والجوانب ، فعلى سبيل المثال :

- السيطرة الحكومية التامة على المؤسسات الدينية للدراسات العربية ، والتي من شأنها المساس بأهدافها الإسلامية التي من أجلها نتعلم هذه الثقافة قبل أي هدف ، وهذا من أبلغ التحديات الاستراتيجية التي تهدد مستقبل المدارس العربية بالفساد والانحراف في هذه الديار ، وهذا ما بيناه ببساطة في كتابنا المشهور كشهرة سور القرآن العظيم :( مشاكل التعليم العربي في بلاد يوربا ) وجاء مثل ذلك في كتابنا العزيز أيضا : ( الأسلوب الحكيم في الرد على عبد الحكيم).

- عدم القدرة على الوفاء بالمتطلبات الرسمية للاعتراف الحكومي الذي يستلزم تكاليف باهظة ، ولم يكن للشعب النيجيري إطلاقا استعداد لتحمل النفقات الباهظة على هذه الثقافة وهذا التعليم ، لأنهم يجدون من الثقافة الإنكليزية ما يغنيهم بكل طواعية عن التعليم العربي أو الثقافة العربية الإسلامية .

- وسيبقى تدريس العربية في المدارس المحظوظة بالاعتراف الحكومي على سبيل الاستشراق ، نظرا لعلمانية حكومتنا النيجيرية التي لا تمكث العلاقة بينها وبين ديننا الإسلام الحنيف ورسالاته النبيلة طويلا حتى تفسد ، وهذا أخوف ما يخاف عليه ، وقد حذرناه مجموعة كبيرة من نخبة دعاتنا وخبرائنا الأئمة في ديننا أمثال شيخنا ومولانا الحاج آدم عبد الله الإلوري حيث يقول :" فليحذر المسلمون من تعليم أبنائهم الإسلام عن طريق الترجمة مجردا عن العربية أو تعلم العربية مجردا عن الإسلام أو باعتبارها لغة من اللغات الحية.ا.هـ.

(الدين النصيحة: آدم عبد الله الإلوري ،ص11.

- وستبقى مؤسسات الدين لا قدرة لها على أن تخرج الطلبة الدعاة إلى الدين إلا عفوا ، فستخرج الموظفين والعمال والتجار وحتى المثقفين ، ولكن عزيز عليها أن تخرج مصابيح الهداية للأمم ، من الدعاة والوعاظ المتفرغين المتطوعين المضحين بأنفسهم وأموالهم في سبيل الله وسط أمواج من التحديات عاتية، وهذا ما يخل بالهدف الأساسي الأول الذي من أجله نستميت في سبيل دراسة هذه الثقافة الإلهية المحمدية ، لهذا نرى أنه ضروري استقلال المراكز والمعاهد الدعوية خارجة عن دائرة السلطات الحكومية .

مشكلة الثقافة الإنكليزية :

إن الثقافة الأنجلوفونية التي طغت مدارسها على الكتاتيب والمدراس العربية النيجيرية بالاستعانة بالاستعمار البرطاني أو المسييحي منذ عهد سيطرته على الديار النيجيرية إلى عهدنا اليوم، أحدثت هزة عنيفة في كيان التعليم العربي والتقافة الإسلامية ، وأدت إلى انحطاط قيمة العلماء الدعاة وتدني درجاتهم ومستوياتهم في المجتمع النيجيري العام ، فنشأ منذئذ صراع وطيس على قدم وساق ، وهو صراع البقاء بين تلكما الثقافتين العربية الإسلامية والإنكليزية المسيحية ، صراع ممتدّ إلى اليوم ، وهذا السبب في رفض أوائل المسلمين في نيجيريا في أول وهلة الثقافة الإنكليزية إرسال أبنائهم إلى المدارس الإنكليزية عند شعورهم بخطورة تغلب الثقافة الطاغية ، وفعلا فقد وقع اليوم ما هم منه يحذرون .

قد كان ما نخاف أن يكونا إنا إلى الله راجعونا

وينبغي ذكر بعض المشكلات التي تعرض علينا عن طرف الثقافة الإنكليزية في النقاط الآتي ذكرها :

- عندما اعتبرت الحكومة النيجيرية الإنكليزية اللغة الرسمية السائدة في الأوساط الرسمية وبين النخبة المثقفين ، وبدأت تسعى بالتدريج في محاولة محو معالم اللغة العربية من كل مظانها ، بكل الوسائل الخبيثة ، فلذا فإن كثيرا من المثقفين بالثقافة العربية وفي أي مجال من المجالات إذا لم يكونوا على قدر من الثقافة الإنكليزية التي تؤهلهم لتقديم أنفسهم ، فليس لهم حظ في الحضور الفاعل المعتبر على أية ساحة من الساحات الدولية والاجتماعية ، مهما بلغوا من الكفاءة والتمكن في مجالات تخصصهم .

- كما أن مزاحمة الإنكليزية للعربية أو بتعبير واضح (مخانقة الإنكليزية للعربية ) وملاحقتها في كل مجالات الحياة ، وهو أمر مشهور وطبعي في كل مجتمع يعتمد على الإنكليزية كلغة الدولة والمجتمع ، ولم تحفل ولم تستعد وسائل الاتصال الجماهيرية فيه بان تجعل حظا للغة العربية للتعبير عن نفسها ولا للمتكلمين بها للتعبيبر عن أفكارهم وأحاسيسهم ، وهذا لا يمكن به أن تنمو هذه اللغة وهذه الثقافة ، وبهذا الوضع فلا يتحسن مستوى المتعلمين المستعربين عن طريق اكتساب مصطلحات ومهارات لغوية جديدة من خلال التعامل اليومي الدائم.

- يضاف إلى ذلك تجاهل رواد الإنكليزية وتغييبهم المتعمد لرواد الثقافة العربية في الساحة الثقافية ، بسبب عدم الاعتراف الرسمي بمثقفي المدارس الأهلية أو الجامعية العربية ، والساحة الاجتماعية الثقافية هي الأخرى ترفض الترحيب بمثقفي اللغة العربية ، مما يجعل المتعلمين المستعربين يشعرون بشيئ من الدونية ، وحتى في المناسبات الجماهيرية العادية فالمتعلمون للعربية إلى حد النضوج يشعرون بشئي من الغربة عند أهلهم وهم من نبات أرضهم ، ويعيشون حالة من التهميش والاغتراب داخل مجتمعهم وفي عقر ديارهم ، وهذا شيئ عجيب .

- أقبل الشعب النيجيري إقبالا كليا مدهشا على اعتناق وهضم الثقافة الإنكليزية ، وانصرافهم الفاحش عن ساحات المدارس العربية بما فيهم أساتذة المدارس العربية الإسلامية وطلابها ومديروها هم الآخرون ، ينفقون أغلى ما يملكون في سبيلها ، بما أنهم وجدوا ما استغنوا به في خزائنها ، فرموا بالتعليم العربي وراءهم ظهريا ، هم جميعا إلا قليلا من السعداء ، وهم في الغالب الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم ، وصاروا يعدون من لم يتعلم الثقافة الإنكليزية في مدارسها أميا رجعيا متخلفا ، فشعر كل من التلاميذ والأساتيذ بضرورة الانخراط في السلك الغربي الثقافي ، فذهبوا أجمعين حتى أبناء المديرين الذين سوف يتولون عرش آبائهم بعد مماتهم ، ومن البدهي أن يأتي خطر ذلك منذ الآن وفيما بعد على مستقبل الدراسات العربية والدعوة الإسلامية في هذه الديار ، إن لم تعد الأمور في نصابها في أقرب وقت ممكن.

- هكذا خانقت الإنكليزية التعليم العربي في نيجيريا حتى لم يبق للتعليم العربي إلا الفطرة المسائية ، ولا تتجاوز ساعتين على التحديد الأغلب ، وتكون فيما بين العصر والمغرب أو المغرب والعشاء ، فكان أكثر متعلمي العربية اليوم إلا قيليلا من السعداء لا يحضرون المدرسة إلا في أوقات متأخرة من الغروب أو من الليل ، بعد رجوعهم من المدارس الإنكليزية التي تغشوها طيلة النهار ، وهذا يحدث للأساتذة أيضا الذين يلتقون يوميا مع تلاميذهم في الفصول في المدارس الإنكليزية ، الحال التي تهون قيمة الدراسة العربية التي يتركونها إلى غير ها في قلوب الصغار والأغبياء من الكبار ، وقد انتهى بنا الأمر اليوم أن أصابت القلة عدد الطلاب والأساتذة في الفصول في المدارس العربية إذ يتناقص بتزايد الأيام والشهور ، وأصاب المدراس نفسها الهزال أو بالأحرى أصابها الزوال ، الدراسة الصباحية كادت تنكسف ، والدراسة المسائية كذلك أوشكت تنخسف ، فلم يبق ما يضمن الآن إلا الدراسات الليلية رغم أنوف روادها في أغلب الأرجاء والأصقاع ، وهذا كله تحديات كبرى لمدارس التعليم العربي على العموم.

مشكلة البيئة :

إن البيئة على اختلاف صفاتها الطبعيية والاجتماعية والدينية والعلمية أو اللغوية أو غيرها لها تأثيرها الفعال الذي لا يدفع بشيئ من الحيل في تكوين أنماط التعليم والمتعلمين وحتى الأساتذة المعلمين سلبا وإيجابا ، ولكل شأن من شؤون الحياة الإنسانية بيئة معينة تلائمه لا تصلح له أخرى غيرها .

وأي تعليم إنساني بصفة العموم ، والتعليم العربي على الخصوص إنما يصلح له البيئة الاجتماعية الصحية الملتزمة بالآداب الفاضلة والمبادئ الحسنة والسلوكيات الطيبة النبيلة البعيدة من الفوضى والبلبلات والغوغاء والسليمة من عوامل الميوعة والمجون ، ولا يصلح كذلك للتعليم العربي إلا البيئة الهادئة التي يكون الموجِّه فيها لبرامج التعليم هو الدين ، والرائد لأجهزة التربية بأنواعها المختلفة هو الإيمان الخالص والتقوى الصادقة ، وكذا البيئة العربية التي لم يقل فيها الناطقون بالعربية بصورة الممارسة اليومية الدائمة ، وذلك نظرا لارتباط العلاقة بين هذا الدين ولغة العربية .

ولكن للأسف الشديد فإن بيئة أكثر المدارس العربية في نيجيريا وخاصة في القسم الجنوبي لا تحظى بأقل هذه الخصائص والمميزات البيئية إطلاقا ، ولم تكن تسير على أقرب خط من خطوط هذه الامتيازات عرضا وطولا ، وعلى عكس ذلك :

- فأكثر مدارسنا لم تكن تقع في بيئات صحية ، وإنما في الغالب تقع في مناطق أشبه ما تكون بزوايا المهملات أو المستنقعات الآسنة ومجمع السيول ومأوى السيوب والأمطار .

- ولم تزل بعض مدارسنا مبنية بالأخشاب - إن صح التعبير – تجري من تحتها الأنهار .

- وأكثر مدارسنا تعاني ضيق المساحة الأرضية ، فلم تكن لها من المساحة القدر اللازم لا أقول الكافي ، وإنما أقول اللازم لإقامة البنية المدرسية المتكاملة الأجزاء ، بل كانت مدارسنا ليس لها مقرها الدائم ، فهي بهذا تقام في فناء دار أو جانب دكان أو في غرفة أو في مؤخرة مسجد أو زاوية في مسجد ، أو في أرض فلاة ، أو في أرض مهملة ترمى فيها المهملات ، فندر وجود مدرسة قياسية على أتم النظام التربوي والمنهجي الأكاديمي الحديث .

- والغالبية العظمى من أساتذة المدارس وطلابها ومديروها يعانون مشكلة المحادثة بالعربية الفصيحة لا من ضعف المستوى العلمي حينا ولا من قلة الرصيد اللغوي حينا آخر ، ولكن من جراء غياب البيئة المدرسية العربية الصالحة التي تساعد على ملكة التحدث العربي المباشر .

- وتقع بيئة أكثر المدارس وخاصة في الجنوب وسط أمواج الغوغاء والفوضى كالمحلات التجارية الكبيرة أو في الحارات الكثيرة الشعوب والمزدحمة الجماهير ، ما بين عقلاء وسفهاء ، وهؤلاء الأخير هم العدد الإحصائي الغالب بالطبع، وكثيرا ما يقع بين بعضهم والبعض الآخر وربما بين الأساتذة والطلبة قليلا التنازع والتمانع على أمور تافهة لا طائلة تحتها .

- وبعملية الملاحظة وجدنا أن من المدراس مدارس وضعها أصحابها في مناطق لم تنسجم طبائع مواطنيها مع طبيعة التعليم العربي مثل بلاد إيبو وجزيرة لاغوس ، وولاية أوغون وإيجابو وأوندو وجهات محدودة في مدينة عويو مثالا.

- وسائل الاتصال والإعلام بأجمعها من الإذاعات والتلفزيونات والجرائد والصحف اليومية أو الأسبوعية والمجلات العلمية كلها في بيئتنا في الغالب بغير العربية ، وهذا الوضع الغالب يلعب على الطرف النقيض دورا عكسيا كبيرا في تدني حالاتنا العلمية وضعف ملكتنا العربية .

- طلبة المدارس العربية كثيرا ما يلبسون الهندام المدرسي العربي ولكن عقولهم وقلوبهم ومعنوياتهم كانت مصطبغة بعادات وتقاليد وأعراف وسلوكيات سائدة في الأوساط ، وهي للغربيين من الإنكليز والإفرنج ، وبعضهم يشعر بخجل شديد من التزيي بزي إسلامي أو عربي خاضعين لنفوذ السلطان الغربي الطاغي ، ولم يكن يسلم من هذه المزالق حتى أبناء المديرين والمشيخة .

والحل الأول والأخير الانتقال من المناطق المزدحمة بالشعوب والمبتلاة بأخلاط الزمر أو الأماكن التي لا انسجام بينها وبين طبيعة التعليم العربي ، أو التي كانت مأوى السيول والأمطار أو مجمع القاذورات .. الانتقال منها إلى مناطق يقل فيها العمران إن أمكن، وترخص فيها المساحات الأرضية ، وتكون بيئتها هادئة صحية تماما.

مشكلة المستوى العلمي :

إن مما أدركنا عليه أساتذتنا الأفاضل فيما مضى أنهم يستميتون في تحصيل العلم بكل الوسائل المتاحة ، لا ينامون ليلة بطولها ولا يشتغلون بالنهار بغير طلب العلم ، يصومون من أجله أياما طوالا ، ويسبحون الله ليلا طويلا ، وكانوا يعنون باقتناء الكتب بطريق أو بآخر ، وإذا وقع بأيديهم دعوة من دعوات العلماء الربانيين المتعارف عليها باسم ( الإلهام) أو (الكشف) أو ( المكاشفة) أو (الفهم) أو (الفتح) وظفوها واستعملوها ، ثم إذا قدر الله وقضى بينهم وبين أحد من أولياء الله لقاء ولو كان عاجلا انتهزوا اللقاء وسألوه الدعاء لهم بالعلم والفهم والكشف والإلهام ، وكانوا يأخذون بعقاقير وأعشاب طبيعية تنمي الذكاء وتذكي الألباب والإدراك، من جملة ما يصفه لهم كبار البلاد من الطب البلدي ، ألا وإن لكل خطوة من هذه الخطوات المباركة التي اتخذها علماؤنا القدامى منهجهم التحصيلي فعالياته العظيمة في اكتساب الفتوح والفهوم والكشوف وتلقي النور والإلهامات الربانية إلى جانب بركة العلم والعمل .

أما اليوم فقد تركت الوسائل وانتهجت غير السبل ، فأصبح طلاب العلم اليوم يعانون مشكلة التدهور العلمي الشديد والمستوى العلمي الضعيف ، النـتيجة الحتمية لتركهم الوسائل الروحية الضرورية لتحصيل العلم وتقوية المستوى بداية من العزم الأكيد الذي لا يعرف الوهن ، والإقبال التام الذي لا يعقبه الإدبار ، وصولا إلى قطع العلائق أو العوائق الشاغلة ، وخاصة الاستعانة باسم ربك الأعلى ، والاستعانة كذلك بأدعية الصالحين وانتهاء بتزكية النفوس وترويض القلوب للاستعداد لتلقي الإلهام الرباني من الحضرة العليا.

وكان من نتائج تركنا الوسائل الروحية لتحصيل العلم ما يأتي :

- فتور الهمم إلى حد ما يقول أحد الطلاب بكل سفاهة :" ليس المهم أن تنال العلم إنما المهم أن تنال البركة والمال ".

- غياب العناية باقتناء الكتب عند المتعلمين ، فمن الطلبة من قد انتهى عمره الدراسي ن ولكنه مع ذلك ليس له في مكتبته الخاصة – إن كانت – غير مقررات له ، أو لا تكون لهمكتبة إطلاقا ، فهو لا يشتري الكتب ليقتني ، ولا يستعير ليقرأ.

- عدم الاكتراث بأيام المدرسة أو بالحضور المبكر إلى المدرسة ، قل من المدارس ما يحضرها طلابها في الساعات المحددة بالضبط، ومن المتعلمين ما يشطر أيام أسبوعهه شطرين : شطر للمدرسة ،وشطر للاشتغال بتجارة أو للقعود لجلب .

- انصراف المتعلمين عن التعليم العربي إلى الانخراط في سلك المتصوفة أو الطريقة ، وكثيرا ما يجعل الطلبة نماذجهم المثالية وأسوتهم الحسنة الأئمة والمشائخ الذين قل نصيبهم من العلم ولكنهم يتمتعون بالنفوذ القوي والذكر الجميل بين أوساط المجتمع.

- ضعف شأن القراءة ، فالطلبة اليوم لا يقرؤون وحتى الأساتذة ما وجدوا ما يدعوهم إلى القراءة ،ومن العيب الكبير أن يوجد من بين طلبة المراحل الثانوية وربما الجامعية عدد لا يجيد قراءة الصحف اليومية أو القرآن على ما يقال ، وعدد عظيم لا يركّب فقرة عربية فصيحة وسليمة ، وحتى يوجد ذلك بين دكاترتنا في الجامعات النيجيرية أيضا على ما يشهده كل فرد بما لا يدع مجالا للشك.

- الانقطاع عن الإنتاج العلمي ، يوجد من مهرة الطلبة من كان يتمتع أيام تتلمذه بشخصية علمية ممتازة ، وله إنتاج علمي كثير وعطاء فكري عظيم ، لكنه لا تمضي مدة حتى يذوب في لجج المعيشة والحياة ، ويصير من لايعرف للإسم علامة ، ولا للمفعول محلا.

- وبين خريجي الجامعات ممن تعلموا داخل أو خارج نيجيريا العديد ممن افتقدوا المستوى العلمي اللائق ..يتكلمون بما لا يتكلم بمثله طلبة المراحل الإعدادية في المدارس التي كانوا يطلقون عليها ظلما " التقليدية" مع أنهم أقل تمكنا في المعارف بالنسبة إلى مستوى علمائنا السلف الذين ما زاروا جامعة ، وما تلقوا من الدكاترة والبرافسة محاضرة .

- أكثر المتعلمين اليوم لا يؤمنون بشيئ يقال له (الكشف ) أو( الإلهام ) أو ( الفتح )، وهو - ولا أدنى شك – موجود ، فما يؤمنون بتأثير أدعية الصالحين في تحصيل العلم وإعداد القلوب لتلقي الإلهامات الرحمانية والفيوضات الربانية من الحضرة الغيبية .

مشكلة الحياة الاقتصادية :

أكثر رواد العربية في نيجيريا يعيشون حياة اقتصادية قاسية جدا ، فأكثر من 75 % منهم يعيشون في ظروف اجتماعية مالية قاسية جدا ، لعوامل عديدة :

منها ما كان عاملا تلقائيا أي ما سببه رواد العربية أنفسهم ، ومنها ما كان بسبب طبيعة مهنتهم التعليمية العربية ، نظرا لفقدان مؤسسة أو حكومة تشرف على أحوال الأساتذة الاقتصادية ، أو تسدد لهم الرواتب ، وإنما كانت هذه المهنة الإلهية المحمدية التي كانوا يزاولونها مجانية أو شبه مجانية (لله ولرسوله) في الغالب .

ولم يكن يسع المدير المؤسس نفسه – وهو الآخر لم ينج من العيش تحت خط الفقر – أن يقوم بتمويل الأساتذة المدرسين بانتظام ، ولو بقدر ليس فيه بأس كبير .

ومن المدارس ما يعتمد في تسديد رواتب الأساتذة على عوائد الحفلات ، وهذا جميل بعض الشيئ ، وما فيه من بأس شديد لو كان ينتظم ، وإن كان لا يحلل شيئا من المشكلة ولكنه (شيئ أحسن من لا شيئ ) .

ومنها ما يعتمد في ذلك على حساب مدير المدرسة الخاص ، وهذا وإن كان لا ينبغي أن يدوم فليس بجميل ، فإن من شأن ذلك ألا يقدر المدير على مواصلة التسديد إلى مدة حتى ينقطع ، وخاصة بعد وفاته ، ثم إن هذا النوع من أسلوب التسديد ليشعر المعلمين العاملين الأساتذة بشيئ من التطفل على مائدة الغير ، وفقدان الثقة على النفس في شأن معيشتهم ، وطبعا فلا يرضى بذلك عاقل أو آدمي من العقلاء .

ومن الأساتذة من يتسلم راتبا زهيدا مبلغ خمسمائة نيرات مثلا أو أقل من ذلك شهريا ، وإن خمسمائة نيرات في مقابل ثلاث دولارات على التقدير الأكثر ، وهذا وإن كان لا حيلة للمدارس العربية في نيجيريا من النجاة من وطأته ، ولكن فلا ينبغي أن يكون ، فإن ذاك وضع واجب إصلاحه على الفور .

ومن المدارس ما كان تدريس الأساتذة فيها مجانيا صرفا أو شبه مجاني ، وقد يكون ذلك إذ كان تعلم التلاميذ أنفسهم مجانيا كذلك ، لضمان إقبال أبناء المسلمين على التعليم العربي ، ومهما يكن السبب الذي أدى إلى ذلك ، فإن هذا يعكس سلبا على حالة الأساتذة فيها اقتصاديا ، ومجانية التعليم وإن كانت أسوأ الأحوال ، إلا أني أرى أنها قد تدخل في باب التضحية المحثوث عليها في الدين ، ولكن مع ذلك فلا يقبح القول إن مجانية التعليم العربي في نيجيريا لحد الآن في بعض المدارس تجلب حتما على المدرسين والمدارس نفسها تداعيات سيئة بالغة للغاية ، وكان لها تأثيرها البالغ في سوء حالات المدارس وأساتذتها ، وفي ضعف ثقة متعلمي العربية بمستقبل صناعتهم ، وتتسبب في ظهور مشكلات عديدة لا حصر لها.

وفي النهاية يجب التنبيه لأمر مهم ، وهو إن الاعتقاد السائد عند خريجي المعاهد العليا والجامعات أو المدارس الثانوية أن عملية التأسيس والتدريس صناعة لا تسمن ولا تغني من جوع ، من هنا ابتعدوا عنها وفروا منها فرارهم من الأسد ، ألا فالحال اليوم خلاف ذلك ولو قليلا ، فإن صناعة التعليم العربي اليوم تكسب أهلها اليوم أكثر ما يتوقع خبراء الإحصائيين مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قط.

ويجب أن نأخذ في الاعتبار أن قعود الخريجين وعكوفهم عن مزاولة عملية التعليم أو التأسيس أو التدريس والدعوة والتربية لمما يزيد المشكلة الاقتصادية تعقيدا ، فإنا نرى وبكل تأكيد أنه لو أقبل خريجو المعاهد العليا أو الوسطى بعد تخرجهم على تعليم أبناء المسلمين الإقبال الطيب وبنية صالحة وحيوية كاملة واستقامة لا تعرف الميل ، فإن ذلك يحد من وطأة الفقر وأزمة الاقتصاد التي يعيشونها ، ولكن أكثر الناس لايعلمون .

وهذا هو الحل الذي ذكره مولانا الإلوري حيث يقول :" يجب أن يكون حل مشكلة العمل والوظيفة نابعا من صميم المجتمع ومن داخل البلاد بيد أبنائها لا من الخارج لهذا يجب أن نعيد النظر إلى الوراء ونسال كيف كان يعيش علماء الإسلام في إفريقيا ، حتى خلقوا لأنفسهم دويلة تحت دولة (نظام التعليم العربي وتاريخه في العالم الإسلامي "(ص151).

مشكلة الإمكانات المادية :

للإمكانات المادية أهمية كبرى في تشكيل أنماط المدارس الثقافية الحديثة كما أن لها الدور الملموس في تطور النشاط العلمي والأدبي ، وفي التقدم الثقافي والحضاري ، وهي التي توتي المدارس النظامية الحديثة معناها اللائق بها ، فعلى سبيل المثال :

- إنه شاذ وجود مدارس عربية في نيجيريا استكملت الأجزاء الأساسية للمدارس العصرية من غرفة الدراسة ، وحجرة المدير ، والمكتبة والمراحيض ، والفناء وحجرة الغذاء ، وقاعة المحاضرات أو قاعة الدروس العامة ، بالإضافة إلى المقاعد والمكاتب والطاولة مما يبرز فقدانه سلبا على مدى نجاح مدارسنا العربية .

- قل في المجتمع النيجيري وجود مكتبة عربية عامة ، وكذا في المدارس قل وجود مكتبة مدرسية خاصة .

- وقلت الأساتذة الأكفاء الذين يعبر عنهم مولانا الزيتوني في كتابه ( مشاكل التعليم) بـ(قلة الرجال) ، والأساتذة الذين يقومون بعملية التدريس هم الإمكانات المادية الأولى لعملية التدريس الناجح في المدارس المثالية .

- المنابر الإعلامية أو الوسائل الاتصالية بالعربية مفقودة تماما ، ما أدى إلى فقدان الوسائل المعينة لتنمية القدرات الاتصالية ، والذي يعدُّ المشكلة الكبرى نظرا لشدة الحاجة إليها ، على رغم من كثرة الأساتذة وطلبة العلم الذين يتشوقون إلى ذلك في كل وقت وفي كل حين.

يضاف إلى ذلك أن وجود منبر إعلامي (وسيلة ) باللغة العربية لا شك أنه سيساهم في توحيد الفكر والرأي العام لهذه الشريحة العظيمة من الأمة النيجيرية الإسلامية.

- فقدان المطابع ودور النشر العربية المؤهلة أمر يشكل عائقا لنشر المحاولات العلمية والإبداعات الأدبية ، فعلى سبيل المثال هناك جهود من بعض مشائخنا الذين أتاح لي القدر الإلهي فرصة الاتصال بحضراتهم ، يقدمون إلي من جهودهم الأعمال العلمية الجليلة التي مضت عليها أكثر من عشر سنوات ، وحتى الآن لم تر النور ، ولم يتم نشرها لارتفاع تكاليف النشر المطلوبة من قبل دور النشر في هذه البلاد ، بالإضافة إلى المشكلات الأولية المتعلقة بكتابة الأعمال بالحاسب الآلي ، وهذا كله مما جعل الكثير من الأكفاء والعباقرة يتوقفون عن الاستمرار ، ثم أكثر الذين يزاولون عمليات الكتابة على الحاسب الآلي والطبع والتصميم والتوزيع أكثرهم جهلاء باللغة العربية ، الأمر الذي يحمل على المشاق الكبيرة في طريق تصحيح الأخطاء المطبعية الواردة في المسودّات .

مشكلة المناهج وطرق التدريس :

المناهج التعليمية للدراسات العربية في نيجيريا وبالأخص جنوب البلاد مختلة اختلالا بينا ومبينا ، ويبدأ أولى المشكلات من ناحية أنه لم يكن هناك منهج تربوي مشترك موحد ، يسير عليه عملية التعليم العربي في البلاد على وجه العموم ، بل كان كل مدرسة تأخذ بمبادئ تربوية لم تأخذ بها الأخرى ، استنادا إلى وجود التباين في المشارب والطوائف والمذاهب التي ينتمي إليها كل مدرسة ، وفي الأصول التي ينطلق منها كل مؤسسة ، ونحن نرى أنه لا ينبغي أن تكون التباين في المشارب مدعاة إلى التشتت في المناهج على هذه الصورة الشنيعة ، إذا كان هناك أولو الرأي يتحكمون فيها بكل إتقان ويتولونها بكل اختصاص .

وفي الجنوب النيجيري فالمنهج الوحيد الذي كتب له النجاح من حيث تعليم وتثقيف وتطوير الأبناء مقرونا بالنجاح الباهر فيما يبدو لنا ، هو المنهج المركزي الآدمي الأزهري ، ومصيببته أنه لم يكن يأخذ به المركزيون أنفسهم ، فمن المركزيين من يأخذ بعض منهج المركز ويترك البعض ، ومنهم من يأخذ يتركه جملة ويستبدل به منهجا آخر مستوردا قد لا يكون ملائما لخليقة الأعاجم كأبناء هذه البلاد ، ومنهم من يتمسك به على أي حال ، وقليل ما هم .

وحتى طرق التدريس في البلاد فغير صالحة في أكثر المدارس ، ولم تكن تستطيع الطرق التدريسية التي توظفها المدارس النيجيرية خصوصا في المراحل الابتدائية والإعدادية وربما الثانوية أن تكوِّن شحصية علمية ناضجة التكوين المتكامل المحتويات اللغوي العلمي الأدبي الفكري الثقافي الدعوي .

ومن سوء المنهج وطرق التدريس أنه كثيرا ما تتغلب المواد النظرية (كالنحو والصرف والبلاغة ومتون اللغة والنصوص ) على المواد التطبيقية مما يحول دون اكتساب المهارات اللازمة التي تكتسب من جراء التتطبيقات ، فإهمال هذا الجانب ( التطبيق ) يشكل الخطر الأكبر على مستوى المتعلمين .

ومن ذلك أنه كان أساتذتنا يجعلون أمام الطلبة على جميع المراحل المقررات التي فاقت إدراكاتهم ولا يلائم منهجها أذواق أبنائنا ، والتي كانت صفحاتها أكبر حجما وأكثر عددا من اللازم ، ولا ينتهي الطلبة من تلقي دروسها أبدا إلى آخر عهدهم بالمدرسة ، ولا شك في أن أكثر هذه المقررات الطالوتة أجنبية مستوردة ، وتبدو عيوب تلك المقررات المستوردة أيضا عند ما يصادف الطلبة فيها معلومات فن آخر مستقل لم تكن لهم بها عهد ولا خلفية مسبقة إطلاقا.

ومن عيوب مقرراتنا في المدارس النيجيرة ندرة نسخ المقررات ، فالعام الدراسي كثيرا ما ينتصف قبل أن يتمكن التلاميذ من امتلاك النسخ الكافية منها .

ومن عيوبها أيضا أن بعض المقررات لم تزل مصورة مما يوقع الطلبة القراء في اللبس والارتباك ، ويثير عليهم الشبهات عند التلقي أو القراءة.

ومن عيوب طرق تدريسنا أنا نجد متعلمين في بعض المدارس يلمون بتحصيل مهارة التحدث بالعربية ، ولكنهم ليس لهم رصيد كاف من الأداوت " القواعد" ، والأدوات هي أول ما يجب تقديمه على غيره.

ومن المدارس على ذلك مدارس طلابها يتعمقون في القواعد على حساب مهارة المخاطبة والمحادثة بالعربية ، ومعنى هذا أن نظام اكتساب المهارات واحدة تلو أخرى في مدارسنا مختلة أساسا إلى حد ما .

وهناك مناقص ينبغي أن تذكر تبدو في طرق تدريس المتصدين لتعليم التلاميذ ، ما يدل على قلة الخبرة بطرق التدريس على الإجمال ، تلك الخبرة المتمثلة في كيفية إعداد الدروس ، وتخطيط العمل ، ووصل الدروس بالحياة وصلا تاما ، ملائمة للبيئة كل الملاءمة ، وتمكن المعلم من مادته ، وإدارة الفصول ، ونظام الجلوس ، وسلطة المدرس في الفصول ، والتهذيب ، وهذا ما لابد منه خصوصا في المراحل الابتدائية والإعدادية ، وكذلك أسلوب التلقين وما إلى ذلك.

هذا آخر ما أردت بيانه والله ولي التوفيق وهو نعم المولى ونعم النصير .

أهم المراجع :

- توجيهات هامة في الإنشاء العربي : على أبولاجي عبد الرزاق .

- الثقافة العربية في نيجيريا والتحديات المعاصرة : بحث في صحيفة الدعوة الإسلامية ( الأربعاء22، في شهر شعبان الموافق 6 من شهر (10) التمور 1372 من وفا الرسول ) ص:3.

- حركة اللغة العربية وآدابها في نيجيريا : د/ شيخو أحمد سعيد غلادنشي .

- دروس في التربية وطرق التدريس للمدارس والكليات العربية بنيجيريا (ج2): نور الدين حسن محمد.

- الدين النصيحة : آدم عبد الله الإلوري .

- مجلة الأفكار ، تصدر عن دار الأرشاد والإسعاد ، بحث :( وما ذا بعد التخرج من الدراسات العربية والإسلامية في مثل البيئة النيجيرية ؟) : الحاج مرتنضى بوصيري.

- مشاكل التعليم العربي في بلاد يوربا : محمد المصباح إبراهيم الزيتوني .

- نظام التعليم العربي وتاريخه في العالم الإسلامي : آدم عبد الله الإلوري .

فسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .